روعة الأمومة

images

منذ أن تعي الوجود تفتحين عينيك على وجه صبوح مشرق تتلألأ عيناه حبا وحنانا. ترين فيه عالمك و ترين في عينيه أنك عالمه.تهب إليك قبل أن تناديها. تتذوقين طعم الحنان بمجرد التلفظ باسمها. يغمرك شعور بالأمان و الاطمئنان… لأن لك أما.

ككل الأطفال تعشقين اللعب، تعتنين بدُماك، تغمرينها بحنان طفولي، تتأملينها برقة بريئة. تسرحين بمخيلتك بعيدا، تبتسمين حالمة: يوما ما سأصبح أما.

تمر الأيام و السنين، تكبرين و يكبر معك الحلم الجميل. تلتقين بفارس الأحلام، ترين فيه الزوج الكريم و الأب الذي سيزرع في رحمك بذرة الأمومة. تنعمين بدور الزوجة، تنشغلين بالحياة الجديدة، لكن سرعان ما يهمس صوت دافئ بداخلك: أحن لأن أصير أما.

ترفعين كفي الضراعة بالدعاء، تأخذين بكل الأسباب. تنتظرين باشتياق و لهفة، و لا غياب يفرحك كغياب علامة أنوثتك الحمراء، التي واظبت على مرافقتك بانتظام على مر السنين.تنتابك مشاعر مختلطة بمجرد أن تتأكدي من الحدث؛ فرح مشوب بشيء من الخوف و سعادة عارمة مع لمحة من الرهبة. تذرفين دموع التأثر… أنا الآن مشروع أم.

 تشعرين بالفخر و الامتنان لأن الله اصطفاك و استخدمك بشكل ما في عملية الخلق. تخوضين رحلة الحمل، تحسبين الأيام و الساعات. ينمو ذلك الكائن بداخلك و ينمو معه تعلقك به. تتحملين الآلام و الأوجاع و التعب، تتناسينها و تصبرين نفسك: تهون الآلام لأصبح أما.

 تتواصلين معه و تحدثينه، فيجيبك بضربات بريئة، يعلمك انه يستعد للخروج. تشتاقين إليه. تزف ساعة الوصول الميمون. تعيشين تجربة المخاض. تتلذذين بالعذاب و تعتبرينه عذبا ما دام آخر ما يفصلك عن اللقاء المرتقب. يصرخ صرخة محببة تسمعين من خلالها بأذن قلبك: أنت الآن أم.

 تبتدئ قصة حب عظيمة. يوقظ في داخلك أجمل ما فيك و أرق ما فيك. يتحول العالم إلى عالم طفولي و يصبح طفلك كل عالمك، عالم من البراءة و الرقة و الجمال. ترتسم على شفتيه ابتسامات يشرق بها قلبك و يفيض فرحا، تحسين بنفسك أسعد إنسانة في الوجود و تهتف كل خلية فيك: ما أروع أن أكون أما.

 تعيشين حياة جديدة ملؤها الحب و الحنان لا يعرف حلاوتها إلا من ذاقها.في عيني طفلك ترين آمالك و أحلامك، ترين الغد و المستقبل. تطمحين ليكون أفضل إنسان يحقق أمل الإنسانية فيه. تدركين أن أول خطوة في طريق التربية الصحيحة أن تربي نفسك أولا و أن تكوني أفضل لأنك القدوة. تستشعرين عظم المسؤولية؛ مسؤولية كونك أما.

 تمضين بيقين على درب الجد و الكفاح نحو الهدف؛ هدف صناعة إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى. تحسين بنفسك صلة وصل بين الأجيال، و حاملة لمشعل التغيير و جعل العالم مكانا أفضل. تتطلعين بثقة نحو الأفق، تستمدين القوة من كونك جزء ا من ثلاثية العظمة، تصدحين عاليا:

لي أم…

و أنا أم…

و سأصنع أما…

بل أمة.